أيدت المحكمة العليا في هولندا، حكما سابقًا قضى بتحميل الدولة جزءاً من المسؤولية عن مقتل 350 مسلماً بوسنياً على أيدي قوات صرب البوسنة خلال المذبحة الجماعية التي شهدتها بلدة سربرنيتشا في العام 1995.
وقضت المحكمة، أن قوات حفظ السلام الهولندية كان يمكنها السماح للرجال المسلمين بالبقاء في قاعدة “الملاذ الآمن”، وأنها من خلال تسليمهم، قامت بتعريضهم لسوء المعاملة أو الموت على أيدي القوات الصربية البوسنية.
مئات المسلمين الذين قتلوا في تلك المجزرة، كانوا من بين نحو ثمانية آلاف شخص قتلوا في عملية وصفتها محكمة العدل الدولية عام 2007 بأنها “إبادة جماعية”.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت في شهر نيسان 1993 بلدة سريبرينيتسا “منطقة آمنة” تحت حماية قوات الأمم المتحدة، التي أرسلت كتيبة مكونة من 400 جندي هولندي، وبناء عليه، قام الرجال البوسنيون الذين كانوا يدافعون عن المدينة بتسليم أسلحتهم.
وحينما بدأت القوات الصربية الغاشمة في شهر تموز/يوليو من العام 1995 حملة تطهير عرقي ضد المسلمين في البلدة، لم تحرك الفرقة الهولندية ساكناً لإنقاذ المدنيين وهي التي كانت طلبت منهم تسليم أسلحتهم مقابل ضمان أمن البلدة، حيث دخلت القوات الصربية فقامت بقتل كل الذكور الذين تتراوح أعمارهم ما بين 14 و50 عاماً، وقامت بدفنهم في مقابر جماعية، كما سُجّل الكثير من أعمال الاغتصاب بحق النساء المسلمات في البلدة.
يجدر بالذكر أن محكمة الاستئناف الهولندية أيّدت في منتصف حزيران/يونيو من العام 2017، حكماً يقضي بتحميل القوات الهولندية مسؤولية جزئية عن مقتل المئات من مسلمي البوسنة في سريبرنيتسا، مشيرة إلى أن عناصر القوة الهولندية في القوات الدولية سهلوا الفصل بين الرجال والأولاد المسلمين “مع أنهم كانوا يعلمون بمخاطر حقيقية تعرضهم لمعاملة غير إنسانية من قبل صرب البوسنة”.
وقال القاضي الذي أصدر الحكم، إن “الجنود الهولنديين بتسليمهم الأطفال والرجال المسلمين لقوات صرب البوسنة، منحوا الأولوية لمنع الفوضى على سلامة الأشخاص”، ولكنه قال إنهم “لا يتحملون المسؤولية كاملة بنسبة 100 في المئة عن مقتلهم”، كما أصدرت المحكمة حينها قرارا بدفع تعويض نسبته 30 في المئة لعائلات الضحايا عن الضرر الذي لحق بها والمعاناة التي تكبّدتها.
وقد ارتكبت القوات الصربية، العديد من المجازر بحق المسلمين في “حرب البوسنة” التي بدأت عام 1992 وانتهت في 1995 بعد توقيع اتفاقية “دايتون”، وتسببت الحرب بإبادة أكثر من 300 ألف شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة.
وقد قام الصرب بدفن البوسنيين في مقابر جماعية، وبعد وضع الحرب أوزارها أطلقت البوسنة أعمال البحث عن المفقودين وانتشال جثث القتلى من المقابر وتحديد هوياتهم.